المرأة ما بين الدين والتقاليد و العولمة :
حقوق المرأة من المواضيع الشائكة حالياً ، خصوصاً في الوطن العربي في ظل كل هذه الفوضىٰ . يرجيء البعض معضلة المرأة على الدين متجاهلين الأسباب الحقيقة .
...
بالرجوع إلى العرب قديماً ، مارس العرب تمييزاً عظيماً تجاههها بدءاً بؤدها إلى أنها عار على العائلة وحرمانها من الميراث .. إلى آخره ، ثم جاء الإسلام وكفل لها حقوقاً إنسانية ، ثم خيم على المسلمين عصر الركود الفقهي المعروف ، ومن هنا اختلطت الأمور ليست على المرأة فقط ! ركد الفقه وهو الموجه الحقيقي للمجتمع ، والحل الأمثل للمسائل الحادثة
.
...
في السنين الأخيرة مع الانفتاح التكنولوجي وتدفق المعلومات ، أصبحنا قادرين على الاحتكاك بالثقافات الأخرى ، والاطلاع على ما يحدث في العالم ، بل و التفاعل مع الجمهور ومشاركة المعلومات وغيره . حدثت حركة حقوقية عظيمة للمرأة ، صفحات النسويات العرب تشعل وسائل التواصل الاجتماعي بردود على رجال الدين و المجتمع وايضاً هجوم كاسح على النساء اللاتي يجابهن الحركة " الدرة المصونة " متهمات المجتمع بالتمييز ضد النساء !
وهذه حقيقة لا أحد يستطيع إنكارها ، فمجتمعاتنا تعاني من آفة عظيمة وظلم رهيب للنساء والإنسانية بأكملها ..
إذن ماهي الآفة ؟!
عندما كنت في الرابعة عشرة أتذكر جيداً وصايا أمي العشر : (( يا ابنتي ، الشرف الشرف ، السمعة السمعة ، ربنا رحيم ولكن المجتمع ما يرحم المرأة )) و أعادت هذه الجملة عشرة مرات !
نشأت عليها و حفظتها وصممتها .
جملة أمي هذه تلخص الآفة التي نعاني منها وهي : اختلاط العادات والتقاليد بالدين ، مزيج مميت ، قاتل للحياة والصدق والتطور ، مجتمع كهذا يسيطر عليه النفاق ، والرياء ، العيب و كلام الناس هو المتحكم بالأفعال ، بدلاً من القناعات الدينية وحق الاختيار !
في حرية الإرادة المرأة مثل الرجل ، ففي نهاية المطاف ستدفن وحدها وسيحاسبها ربها على أعمالها هي ، إذاً هي مسؤولة مسؤولية كاملة عن اختياراتها ولكن ! يرى المجتمع فرض الحجاب على المرأة بحجة (( أصحابي اذا شافوا وجهك اَيش بيقولوا ؟ )) وفي هذا ليس قدح في الحجاب والحق في الالتزام به إنما مثال شارح للمزيج المميت .
في جميع الحدود تتساوى المرأة مع الرجل في العقاب لا زيادة ولا نقصان بسبب جنسها ، ولكن يظهر المزيج المميت في حد الزنا وتعزيزاته ، إذا اخطأت المرأة انتهت حياتها وهي حية ، بينما اذا أخطأ الرجل خلقوا له المعاذير (( ولد العرب يعرب )) ، (( زوجوه يعقل )) ، (( طيش شباب )) و تظهر بعد ذلك المعايير المزدوجة قائلا ولد العرب الذي سيعرب : ((أمي أبغا اتزوج متدينة ؟ ))
وقس على ذلك معضلات المرأة الأخرىٰ ، سيتبين لك أن مجتمعاتنا مازلت عالقة في الجاهلية و ترى المرأة كعار ، ولكن بدلاً من ؤدها سلبتها إنسانيتها !
خصوصية المجتمع وفهمه من العوامل المنسية لديهن بينما هو يعتبر من العوامل المهمة لإيجاد حلول تتناسب مع المجتمع ، إذا كنت حقاً تحاول الحفاظ على هويتك في زمن التماهي !
حقوق المرأة بالمفهوم الغربي هو رأي في النهاية وليست حقيقة مسلم بها ، وللمجتمعات الحق في الاختلاف معها أو رفضها ولكن فرض الانسانوية واتهام الغير الذين يخالفونها بالتخلف هو جوهر الاستعمار و الوصاية !!
أعتقد أنه على " النسويات العرب " أن يعيدوا التفكير لمرة ، اذا كن حقاً إنسانيات بمعنى الكلمة ، فالإنسانية بمعناها الحداثي قادمة من الفكر الديكارتي القائم على الشك ، نحتاج جمعياً ايجاد نقطة ارتكاز خاصة بِنَا ، ونعيد كتابة حقوق المرأة بمفهوم يتناسب معنا . دون تقليد أعمىٰ
تغييب فقه الواقع أحد المعضلات ، نحتاج بعض المغامرة والاهتمام بأصول الفقه والقياس ، ضربوا كثير من الفقهاء في الماضي اروع الاجتهادات وإن اخطأوا ! ، علينا نفعّل ذلك ما يتناسب مع محدثات زماننا .
قضية المرأة ثالوت مكون من الدين و العادات والعولمة وتجاهل أحدها يجعل الوصول إلى الحل عسيراً !
تعليقات
إرسال تعليق