ماذا تعني لنا القهوة ؟




ماذا عساي أن أقول عن المشروب الأكثر انتشاراً في العالم ؟ 
ما الذي يجعل كوب من القهوة مادة غنية للتصوير ، و الأدب ، و الرومانسية ؟ 
لا تستطيع أن تتجاهل كوب قهوة على طاولة المقهى دون أن تتحرك يدك آلياً لالتقاط صورة للانستقرام  ! 
لا تستطيع أن تتجاهل الرابط العجيب بين القهوة ومحبي الأدب ! أمزجة " القهوة الساخنة " كما يقول الشارع ! 



لعل علاقة محمود درويش مع قهوته الداكنة وفنجانه الفاتح .. هي الأبرز عربياً ! 
لم يكتب أحد عن القهوة كما فعل درويش ! 
من المبالغات الجميلة عندما تشعر أنه يصرخ : (( أُريد رائحة القهوة. أريد خمس دقائق .. أُريد هدنة لمدة خمسة دقائق من أجل القهوة)) على الرغم من القصف والدمار حوله! 

فإذا قال درويش : (( كيف تكتب يدٌ لا تبدع القهوة ؟ )) فهو محق لا محال ! وإذا غزا الشك ذائقتك ؛ أقرأ لمحمود ! وستسلم بالأمر ! 



تبدو القهوة الرفيق الرومانسي .. سيحلق ذهنك فوراً إلى موعد غرامي في مقهى إيطالي عريق الطراز  يقدم أفخر أنواع البن .. لتحتسي فنجان موكا مقدس ! و ستغازل الفنجان الأبيض بتقديرك لتاريخه السوداوي  ، الموكا .. وميناء مخا في اليمن ! كم القهوة عريقة و سوداوية كاليمن تماماً ! و ستستمع مع قهوتك إلى مقطوعات موزارت وبيتهوفن .. كفتاة يمنية ضالة متعددة الهويات ! 
القهوة زرعت من أجلنا نحن التائهين ! 

ومع كل رشفة ستحدق في عينيّ من أمامك و ستغوص مع كلماته نحو عمق فنجانك! 




الأدباء ! تلك المخلوقات الحساسة الحالمة أطرت القهوة و احتكرتها! 
كل أصوات التذمر : القهوة ليست حكر عليكم ، تدل بشكل فاضح على سيطرتهم ! 
بل وكل من أراد أن ينضم إلى " المثقفين " ارتشف القهوة وتغزل بها ! 
الفتيات يلتقطن صور عديدة لا تنتهي .. لكتاب وفنجان قهوة ، ثم يضعن اقتباس أدبي رائع ! لكن المضحك المبكي  أنها لم تقرأ سطراً منه ! 
أن الجموع مهووسة بهذه الموضة ! 

أظن أن الأدباء ارتبطوا بالمنبهات عموماً ، فالشاي يا عزيزي هو المشروب المفضل لدستوفيسكي ! 
أعتقد أنهم كانوا بحاجة لإذكاء أذهانهم و غلي تركيزهم لمدة طويلة  و إشعال أمزجتهم حتى يدونوا جملة تستحق القراءة! 
ومع سحر بلاغتهم وحساسيتهم استطاعوا أن يصلوا إلى أفئدة الكثير ووسم ذلك الشغف الخالد في أذهانهم !


ما القهوة سوى مشروب ، ولكنه مشروب مهذب رفيع المستوى 
و القهوة لا تعني شيئاً في الحقيقة ! ولكن قطعاً أضاف الأدباء جُلّ المعاني إليها !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لن أبحث .. هكذا قررت

تباعد

عالقة في الرابعِ و العشرين